كنت لا أفهم ماذا تعني الصلاة .. الكل يسجد لله تعالى في يوم الجمعة .. بينما أستعد مع رفاقي للغوص في البحر اشباعا لهوايتنا ، ويوما وبينما أنا في أعماق البحر .. فجأة تمزقت القطعة المطاطية التي يطبق عليها الغواص بأسنانه وشفتيه لتمنع دخول الماء الى الفم .. ولتمده بالهواء من الأنبوب .. أغلقت قطرات الماء المالح المجرى التنفسي .. بدأت أموت .. بدأت رئتي تستغيث وتنتفض .. تريد الهواء .. بدأت أضطرب .. البحر مظلم .. رفاقي بعيدون عني .. بدأت أدرك خطورة الموقف .. أنني أموت ..بدأت أشهق .. وأشرب الماء المالح رغما عني .. تذكرت الشهادتين .. أردت أن أختم بهما حياتي .. قلت أشهـ .. فغص حلقي .. كأن يدا خفية تطبق على رقبتي لتمنعني من نطقها .. حاولت جاهدا .. أشهـ .. أشهـ .. بدأ قلبي يصرخ : ربي ارجعون .. ربي ارجعون .. بدأت أفقد الشعور بكل شيء .. أحاطت بي ظلمة غريبة .. وهذا آخر ما أتذكر .
لكن رحمة ربي كانت أوسع .. فجأة بدأ الهواء يتسرب الى صدري مرة أخرى .. انقشعت الظلمة .. فتحت عيني .. فإذا أحد الأصحاب .. يثبت خرطوم الهواء في فمي .. ويحاول انعاشي . نحن ما زلنا في بطن البحر .. رأيت ابتسامة مرسومة على محياه .. فهمت منها أنني بخير .. عندها صاح قلبي .. ولساني .. وكل خلية في جسدي .. أشهد أن لا اله الا الله .. وأشهد أن محمدا رسول الله .. الحمد لله .
خرجت من الماء وأنا شخص آخر .. تغيرت نظرتي للحياة .. أصبحت الأيام تزيدني قربا من الله .. أدركت سر وجودي في الحياة .. تذكرت قول الله (ليعبدون) .. صحيح .. ما خلقنا عبثا .
مرت أيام على هذه الحادثة .. ذهبت البحر .. ارتديت لباس الغوص .. أقبلت الى الماء وحدي .. توجهت الى نفس مكان الحادثة في باطن البحر .. وسجدت لله تعالى ... سجدة لم أسجد مثلها في حياتي .. في مكان لا أظن أن انسانا قبلي قد سجد فيه لله تعالى ... عسى أن يشهد علي هذا المكان يوم القيامة .. فيرحمني الله .. بسجدتي تلك في أعماق البحر .